في زرالدة،..النحت ذاكرة

في لحظة امتزج فيها الفن بالتاريخ، والذاكرة بالجمال، اختتمت الجزائر فعاليات الطبعة الأولى من الملتقى الدولي الجزائري للنحت، الذي احتضنته العاصمة بين 26 أفريل و8 ماي 2025، في فضاء مفتوح بفندق مزفران بزرالدة. الحدث، الذي حمل شعار “الذاكرة”، جاء تخليدًا للذكرى السبعين لاندلاع ثورة التحرير الوطني واليوم الوطني للذاكرة، محوّلًا الفن إلى وسيلة لاستحضار الأمجاد واستلهام روح المقاومة.

بمشاركة فنانين من 18 بلدًا، من بينهم نحاتون بارزون من فلسطين، إيطاليا، الصين، وأمريكا، تحول الفضاء المفتوح إلى ورشة عالمية حيّة، أين توحد الإزميل مع الحجارة ليحفر ذاكرة الجزائر على صفحات المنحوتات. طلبة مدارس الفنون الجميلة في الجزائر، الوطنية والجهوية، كانوا جزءًا من التجربة، واكتسبوا من خلالها خبرة ميدانية ثمينة، بل وانخرطوا فعليًا في كتابة قصة فنية تحاكي التاريخ.

وزير الثقافة والفنون، زهير بللو، الذي حضر حفل الاختتام، أكد أن هذه التظاهرة تُعد خطوة ملموسة نحو ترسيخ موقع الجزائر على الخريطة الثقافية العالمية، مشيدًا بالدور الحيوي للطلبة الشباب في التعبير عن التاريخ بلغة فنية معاصرة. وقال الوزير إن الملتقى يمثل “عملاً دبلوماسيًا ثقافيًا رفيعًا”، يجسّد مقاومة الجزائريين ويجعل من المنحوتة جسرًا بين الماضي والحاضر.

المحافظ الفني للملتقى، الطاهر هدهود، وصف الحدث بأنه انطلاقة تأسيسية حقيقية نحو تعزيز القيمة الرمزية والإبداعية للتراث الوطني. أما التوقيع الفني فقد اختُتم بحفل موسيقي مميز، قادته الأوركسترا السيمفونية وجوقة أوبرا الجزائر، ليكون الوداع على نغمة تعانق الفن والموسيقى والذاكرة.

 

هكذا، لم تكن هذه الأيام مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل محطة وُلدت لتبقى، تُنقش في سجل الذاكرة الثقافية الجزائرية، وتُعلن أن النحت ليس فقط فنًا جماليًا، بل شهادة على وطن لم ينسَ، ولن ينسى.

Exit mobile version