شهدت قاعة مجلس الأمن يوم الثلاثاء 5 أوت 2025 لحظة مؤثرة عندما رفع ممثل الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة، عمار بن جامع، صورة طفل فلسطيني أنهكته المجاعة في وجه ممثل “إسرائيل”، خلال جلسة مخصصة للوضع في الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية.
وشكّلت هذه اللحظة مشهداً فاصلاً داخل أروقة مجلس الأمن، إذ تحولت صورة الطفل الفلسطيني إلى شهادة دامغة على سياسة التجويع الممنهج التي تمارسها “إسرائيل” ضد سكان غزة. لم تكن مجرد حركة رمزية من الدبلوماسية الجزائرية، بل رسالة صادمة للعالم تكشف حجم المأساة وتضع ما يجري في خانة “الإبادة الجماعية”، بعدما تجاوزت المعاناة حدود الحصار لتتحول إلى حرب تستهدف الوجود الإنساني للشعب الفلسطيني بأسره.
وكانت الأمم المتحدة، قد أعلنت يوم الجمعة 12 سبتمبر 2025، إلى جانب منظمات دولية بارزة، عن تفشي المجاعة بشكل رسمي وواسع النطاق في قطاع غزة الفلسطيني ، في سابقة هي الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط.
وجاء في البيان المشترك الصادر بجنيف عن منظمة الصحة العالمية واليونيسف وبرنامج الغذاء العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة، أن أكثر من نصف مليون فلسطيني عالقون وسط أوضاع كارثية، نتيجة نقص حاد في الغذاء والدواء. ودعت المنظمات الكيان الصهيوني إلى رفع كل القيود المفروضة على دخول الإمدادات الإنسانية، محذرة من أن استمرار الوضع يضاعف المخاطر الصحية ويهدد حياة عشرات الآلاف.
في السياق نفسه، أصدر “التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي” تقريراً في اليوم نفسه (12 سبتمبر 2025)، أكد فيه أن قطاع غزة يعيش مرحلة حرجة من المجاعة، حيث يواجه مئات الآلاف ظروفاً تتسم بالجوع والعوز والموت، ما يتطلب وقفا فوريا لإطلاق النار وفتح ممرات إنسانية عاجلة. وحذّر خبراء المرصد من أن سوء التغذية الحاد قد يتفاقم بسرعة حتى يونيو 2026 إذا لم تُتخذ إجراءات حاسمة. ووفقاً لآخر بيانات وزارة الصحة في غزة بتاريخ 11 سبتمبر 2025، فإن سياسة التجويع الممنهجة تسببت حتى الآن في استشهاد 272 فلسطينياً، بينهم 113 طفلاً.
;r$ برز اسم عمار بن جامع كأحد أهم الشخصيات الدبلوماسية الجزائرية في الساحة الدولية، بعد تعيينه ممثلًا دائمًا للجزائر لدى الأمم المتحدة في نيويورك منذ أفريل 2023. ويُعتبر من الكفاءات التي راكمت خبرة طويلة في العمل الدبلوماسي، حيث تقلد عدة مناصب كسفير في باريس وطوكيو وبروكسل ولندن وأديس أبابا، فضلًا عن شغله منصب الأمين العام لوزارة الخارجية.
تخرج بن جامع من المدرسة الجزائرية للإدارة سنة 1975 ضمن قسم الدبلوماسية، ليبدأ مسيرة مهنية جعلته واحدًا من أبرز الأصوات الجزائرية في الدفاع عن القضايا العادلة داخل المنتديات الدولية. وقد اشتهر بمداخلاته القوية في الأمم المتحدة، خصوصًا دفاعه المستمر عن فلسطين، حيث طالب مرارًا بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة، مؤكدًا التزام الجزائر بدعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
إلى جانب ذلك، لم يتردد بن جامع في التعبير عن مواقف الجزائر الثابتة بشأن قضايا أخرى مثل حق تقرير المصير في الصحراء الغربية، ورفض السياسات الانتقائية في مجال حقوق الإنسان. هذا الحضور الفاعل عزز صورة الجزائر كطرف يسعى إلى العدالة والتوازن في القضايا الإقليمية والدولية.
